في أحد الأيّام، دخلَت شابّة في العشرينيّات من عمرها إلى مكتبة جمعيّة الكتاب المقدَّس في البوشريّة، حيث أعمل، بحثًا عن كتاب مقدَّس باللغة العربيّة. بدأَت تَبحث بين النسخ المختلفة للكتاب المقدَّس بدقّة، وتفتحها الواحدة تلو الأخرى وتتفحّصها. فكانت تعيد كلّ منها بدوره إلى مكانه، إذ، على ما يبدو، ما كانت تجد ما كانت تبحث عنه.
عندما سألتُها كيف يمكنني مساعدتها، أَخبرَتني قصّتها وسبب مجيئها إلينا.
طوال حياتها، كان هناك كتاب مقدَّس في منزلها. ومع ذلك، لم يكن لديها فضول لقراءته، وبالتالي لم تفكّر يومًا في فتحه ومعرفة ما يقوله.
إلى أنْ سافرَت والدتها إلى الخارج ونسيَت كتابها المقدَّس في البيت. فطلبَت من ابنتها أنْ ترسل إليها الكتاب المقدَّس في البريد لأنّه، حسب قول والدتها، كان عزيزًا جدًّا على قلبها. لذلك، بدأَت الشابّة تتساءل ما الذي يجعل هذا الكتاب مميّزًا للغاية وقرّرَت إلقاء نظرة عليه.
عندما بدأَت في قراءته، أُعجبَت كثيرًا برسالته ولم تستطع التوقُّف عن القراءة. لحدّ أنّها لم تستطع تحمُّل فكرة الابتعاد عنه لإرساله إلى والدتها. لذلك أتَت إلى مكتبتنا للعثور على النسخة ذاتها من الكتاب المقدَّس الذي كانت تمتلكه والدتها. لكنّ نسخة الكتاب المقدَّس بحسب الترجمة الانجيليّة العربيّة (فاندايك) التي كانت تبحث عنها كانت قديمة ولم تعد متوفّرة. ومع ذلك، قرّرَت الفتاة الاحتفاظ بالكتاب المقدَّس القديم، الذي كان بحوزة والدتها، وإرسال كتاب جديد لها بدلًا منه.
مع أنّي أصادف كلّ يوم العديد من الناس الذين يأتون إلى مكتبتنا، إنّما تلك الفتاة تركَت بصمة في داخلي. كان حماسها وشغفها تجاه كلمة الله فريدًا من نوعه، وخاصّةً نسبةً لشخص في سنّها.
عندما أَنظُر إلى هذا الجيل، أرى من المحبط في بعض الأحيان مدى استخفافهم بكلمة الله. لكنْ، بسبب قصّة هذه الفتاة، تشجّعتُ للغاية لرؤية أنّه لا يزال هناك أشخاص يبحثون عن كلمة الله، وأنّه يتمّ تغييرهم من الداخل بواسطتها.
Post a comment